ازدحام المركبات في ميناء الملك عبد العزيز يستدعي تحركًا عاجلًا من هيئة الموانئ السعودية

ميناء الملك عبد العزيز في الدمام هو البوابة الرئيسية للمملكة العربية السعودية إلى الخليج العربي وأحد أهم مراكزها التجارية. يتعامل الميناء مع ملايين الحاويات والبضائع والمركبات سنويًا، وهو حجر الزاوية في طموح رؤية المملكة العربية السعودية 2030 لتصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.

لكن في الأشهر الأخيرة، واجه الميناء تحديًا كبيرًا: ازدحام المركبات. أصبحت ساحات التخزين مكتظة بالسيارات المستوردة في انتظار التخليص الجمركي، ما أدى إلى تأخير العمليات، وإجهاد البنية التحتية، ودفع هيئة الموانئ السعودية (موانئ) إلى التدخل السريع. كانت الاستجابة فورية واستراتيجية، ما يعكس عزم المملكة على تحديث الخدمات اللوجستية وحماية كفاءة التجارة.

الصورة بواسطة Panoramio upload bot على wikimedia

ميناء الملك عبد العزيز في الدمام في الماضي (عام 2007)

التحدي - ازدياد ازدحام المركبات:

كشفت تقارير صدرت في منتصف عام 2025 أن المستوردين لم يكونوا يقومون بتخليص كميات كبيرة من المركبات التي تصل إلى ميناء الملك عبد العزيز بالسرعة الكافية. وأخر العديد من التجار والموزعين الإقرارات الجمركية والتحصيل، ما تسبب في تراكم المركبات في ساحات التخزين.

لم يؤثر هذا الازدحام على المساحة فحسب، بل أدى إلى إبطاء أوقات دوران السفن، وتقليل الكفاءة، وخلق اختناقات في سلسلة اللوجستيات بالميناء. وتفاقمت الحالة بسبب ارتفاع حجم البضائع الإجمالي الذي يتم مناولته في الميناء:

• ارتفع حجم الحاويات إلى أكثر من 722,000 حاوية نمطية في تموز / يوليو، بزيادة 12% على أساس سنوي.

• سجلت أحجام الحاويات العابرة والمصدرة نموًا مزدوج الرقم.

• ارتفع عدد الركاب بنسبة 42٪ تقريبًا، ما يعكس زيادة الطلب على الخدمات البحرية.

ومن المفارقات أن واردات المركبات انخفضت بالفعل بنسبة 22.7٪ مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 69,969 وحدة في تموز / يوليو. على الرغم من هذا الانخفاض، تسبب بطء التخليص الجمركي في حدوث ازدحام مروري امتد إلى عمليات أوسع نطاقًا، وكشف عن نقاط ضعف في كيفية إدارة المساحة والتدفق.

الصورة بواسطة Red panda bot على wikimedia

اليوم، الوضع في الميناء أشبه بهذه الصورة

تدابير فورية - إصلاحات إجرائية وإجراءات عاجلة:

سرعان ما أطلقت موانئ تدابيرَ عاجلة لمعالجة الازدحام. ومن بين أهم الخطوات ما يلي:

1. تسريع التخليص الجمركي: تم حث المستوردين على تسريع إجراءات الإقرارات الجمركية وإزالة المركبات على الفور لتجنب التخزين لفترات طويلة.

2. تمديد ساعات العمل: بدأت مكاتب التخليص الجمركي في الموانئ ومستودعات المستوردين العمل بنوبات ليلية ممتدة، ما وفر المرونة وخفف من الازدحام خلال ساعات الذروة النهارية.

3. إعادة توزيع تدفقات البضائع: تمت إعادة توجيه بعض حركة المرور الواردة إلى ميناء الجبيل التجاري، ما ساعد في تخفيف الضغط على الدمام.

4. حلول وقوف مؤقتة: تم إنشاء مناطق وقوف مخصصة لتخفيف الازدحام وتوفير مساحة داخل ساحات التخزين الرئيسية.

ساعدت هذه الإجراءات الفورية في استعادة التوازن التشغيلي، لكن الازدحام سلط الضوء على الحاجة إلى حلول هيكلية طويلة الأجل.

التدابير الاستراتيجية - توسيع البنية التحتية واللوجستيات:

إدراكًا منها أن الحلول المؤقتة وحدها غير كافية، طرحت موانئ المملكة العربية السعودية سلسلة من المبادرات الاستراتيجية التي تهدف إلى تحويل ميناء الملك عبد العزيز إلى مركز لوجستي أكثر مرونة وجاهزًا للمستقبل.

1. مجمعات لوجستية للمركبات:

يجري تطوير مجمعين لوجستيين كبيرين، تبلغ قيمتهما أكثر من 500 مليون ريال سعودي (134 مليون دولار)، للتعامل بشكل خاص مع واردات المركبات واللوجستيات ذات الصلة. الأول يغطي مساحة 382,000 متر مربع، ويستوعب 13,000 مركبة، والثاني يغطي مساحة 197,000 متر مربع تشمل 35,000 متر مربع من المستودعات والمباني الإدارية وساحات الحاويات ومرافق إعادة التصدير.

2. التكامل متعدد الوسائط:

لتكملة سعة الموانئ، تعمل السلطات السعودية على تعزيز الروابط الداخلية:

• تكامل السكك الحديدية: تقلل قطارات الشحن التي تربط الدمام بالرياض من الضغط على الطرق السريعة، وتوفر نقلًا فعالًا للحاويات والمركبات.

• التحويل إلى ميناء الجبيل: من خلال توجيه بعض حركة المرور عبر الجبيل، تضمن موانئ التكرار والمرونة التشغيلية.

• تحسين الطرق السريعة: أدى ارتفاع حركة الشاحنات (24٪ على أساس سنوي) إلى اتخاذ تدابير لتحسين تدفق حركة المرور على الطرق السريعة، مما يقلل من الازدحام بين الدمام والرياض.

الصورة بواسطة 1904.CC على wikimedia

أحد الحلول هو تحسين الطرقات

3. التحول الرقمي:

تقوم شركة موانئ أيضًا بنشر تقنيات لوجستية ذكية لتتبع البضائع، وتحسين تخصيص التخزين، وأتمتة الإجراءات الجمركية. تقلل هذه التقنيات من الأخطاء البشرية، وتقلل من أوقات الانتظار، وتقرب العمليات السعودية من أفضل الممارسات العالمية.

السياق الأوسع - رؤية 2030 والتحول اللوجستي:

تهدف الاستراتيجية الوطنية للنقل واللوجستيات في المملكة العربية السعودية إلى وضع المملكة ضمن أفضل 10 مراكز لوجستية عالمية. ويعد توسيع سعة الموانئ وكفاءتها وربطها ركائز أساسية لتحقيق هذا الطموح.

ويعد ميناء الملك عبد العزيز محوريًا في تحقيق هذه الأهداف. فهو ليس فقط أكبر ميناء في الخليج، بل هو أيضًا نقطة الدخول البحرية الرئيسية للمملكة للبضائع المتجهة إلى المنطقة الشرقية والرياض، التي تضم معظم السوق الصناعية والاستهلاكية في المملكة العربية السعودية.

الآثار طويلة الأمد:

تُظهر السرعة التي تصرفت بها هيئة الموانئ السعودية أهمية اللوجستيات في تنويع الاقتصاد السعودي. لم يكن ازدحام المركبات مجرد إزعاج محلي، بل كان يهدد بتقويض كفاءة التجارة وعمليات التجار وسمعة المملكة كقوة لوجستية ناشئة.

من خلال الجمع بين التدخلات قصيرة المدى وتوسيع البنية التحتية طويلة المدى، تظهر المملكة العربية السعودية نموذجًا استباقيًا لإدارة اللوجستيات. فبدلاً من مجرد الاستجابة للاختناقات، تستثمر المملكة في حلول قابلة للتطوير، مما يضمن قدرة ميناء الملك عبد العزيز على استيعاب أحجام التجارة المتزايدة لعقود قادمة.

الخاتمة:

كان ازدحام المركبات في ميناء الملك عبد العزيز بمثابة جرس إنذار. فقد سلط الضوء على نقاط الضعف في عمليات التخليص الجمركي وممارسات المستوردين، ولكنه أظهر أيضًا مرونة هيئة الموانئ السعودية في الاستجابة بسرعة وبشكل استراتيجي.

من خلال الإصلاحات الفورية في التخليص الجمركي، وتمديد ساعات العمل، وإعادة توزيع البضائع، خففت موانئ الضغط الفوري. ومن خلال تطوير مجمعات لوجستية للمركبات، والتوسع متعدد الوسائط، والتقنيات الذكية، يتم إعادة تصور الميناء كمحور حديث جاهز للنمو المستدام.

أكثر المقالات

toTop