أول سجل تاريخي دقيق يصف حياة تلك الشعوب، وسبق المؤرخين الأوروبيين بقرون.
أرسل الخليفة العباسي "المقتدر بالله" ابن فضلان بعدما أسلم ملك الصقالبة "ألمش بن شلكي" وطلب معلمين دينيين ومساعدة عسكرية، منها بناء مسجد ومنبر وحصن يقي بلاده من ملك الخزر. خرج ابن فضلان من بغداد ومعه هدايا، لكنه لم يوصل المال المخصص لبناء الحصن بسبب صعوبات قابلها في الطريق.
أول توقف كان في "بخارى"، عاصمة السامانيين، حيث انتظر أربعة آلاف أوقية ذهبية لم تصله أبدًا. ثم سار إلى عاصمة الصقالبة "بلغار" (قازان اليوم في تتارستان)، متجنبًا أرض الخزر الوعرة.
العرب في ذلك الوقت لم يولوا الرسالة اهتمامًا، لأن البلاد بعيدة عن بغداد، الجو فيها بارد، والطريق خطير. لكن المستشرقين الأوروبيين لاحقًا عرفوا قيمة السجل، إذ يصف بدقة عادات ويوميات شعوب لم نكن نعرف عنها شيئًا، مثل طريقة الفايكنج في دفن موتاهم.
ابن فضلان لم يتكلم كثيرًا عن نفسه، لكنه خلال سنة كاملة من التنقل أعطى صورة نادرة لجماعات متعددة الأديان والثقافات. الرسالة لا تذكر شيئًا عن العودة، مما يدفع البعض للظن أنه استقر في بلغار. ظهرت لاحقًا فقرات ملحقة على الكتاب يشكك العلماء في صحتها لاختلاف الأسلوب والمضمون.
من المواقف الطريفة أنه وصف حيوانًا لم يره العرب من قبل، فقال إنه "بين الجمل والثور، له قرن في منتصف رأسه كرمح، ويقضم أوراق الشجر".