كيف تحيا حلب في رمضان
ADVERTISEMENT

في حلب، يبدأ الاستعداد لرمضان قبل أسابيع: يُشترى القمح والسمن والسكر، تُعلّق زينة مضيئة على الشرفات، ويصعد الأطفال للسطح كل ليلة ليراقبوا القمر حتى يظهر الهلال. حين يظهر، يُطلق أحد الجنود قذيفة خالية من الحديد لتُعلن دخول الشهر؛ يعرفها سكان المدينة باسم «المدفع».

في أول سحور يصومه طفل، يُقدّم له

ADVERTISEMENT
ADVERTISEMENT

صحن «قطايف محمّرة» كمكافأة. قبيل الفجر يخرج المسحراتي يرتدي جبة حمراء ويحمل طبلة، يضربها ثلاث مرات أمام كل باب وينادي: «يا نايم وحّد ربّك». لم يعد أحد يحتاجه لأن الهواتف تصيح، لكن سكان الحارة يدفعون له أجر الموسم ليبقى موجوداً.

الفوانيس عادت تُباع في السوق: قاعدة خشب، زجاج ملوّن، ومروحة صغيرة تُدير النور. على المائدة يُقدّر الحلبيون ثلاثة أشياء: اليبرق، الكبة المقلية بخمسين شكلاً، والمعروك المدهون بالسمن البلدي. الحلوى تُعدّ في البيوت: شعيبيات بالقشطة، قطايف محشوة بالجوز، كرابيج مطهية على النار قبل أن تُغمس بالدبس، ثم غزل البنات يُلف في ورق شفاف. يُسكب قمر الدين مذاباً بالماء والورد، السوس يُبرد في الثلاجة، وتُحفظ قنينة التمر الهندي في المبرد.

قبل الغروب تُرسل «السكبة»: طبق يبرق في صحن نحاس، يُرافقه صحن آخر من الكبة المبطّنة بالسمن، يُحمل إلى الجيران، ويُستبدل بطبق آخر يعود في اليوم التالي. السحور يُعدّ من كمية الإفطار المتبقية؛ تُهرس الكبة وتُقلب بالبيض، يُعاد تسخين اليبرق، ويُقدّم مع الخبز. بعد الإفطار يجلس الرجال في المقهى يشربون الشاي الأخضر بالهيل، يستمعون للحكواتي يُكمل حكاية «أبو زيد الهلالي» حتى الساعة الثانية فجراً.

يُصلّى التراويح في جامع الحميدية عشرين ركعة، يُخرج الناس زكاة الفطر قمحاً أو نقوداً، تُوزّع على الجمعيات قبل العيد. في ليلة القدر تُفتح أبواب الجامع طوال الليل، يُقرأ القرآن حتى الفجر، ويُقدّم القهوة العربية في صغار الفناجين. بعد التراويح يجلس الشباب في الديوان يحللون حلقات المسلسلات؛ يُعاد الحديث عن مشهد تمثيلي أو عن عبارة ساخرة أطلقها أحد الممثلين.

في العشر الأواخر تُضاء الأسواق بمصابيح ملوّنة، تُباع الكعك بالسمن البلدي، والكرابيج المغطاة بالسكر البودرة. بعد الزلزال أعادت البلدية ترميم سقف الجامع الأموي، أُقيمت أمسيات في السوق المسقوف: قدود حلبية يُطرب لها كبار السن، إنشاد صوفي يُردده الشباب، ويُوزّع على الحضور كأس شاي مرّ وصحن حلوى.

عائشة

عائشة

·

19/11/2025

ADVERTISEMENT
من الأشبال إلى الملوك: الرحلة المذهلة للدببة البنية
ADVERTISEMENT

تُعد الدببة البنية من أبرز وأكبر الحيوانات البرية، إذ تجمع بين القوة والشهرة والجمال، وتحمل خلفها إرثاً من الأساطير والقصص. تمرّ الكائنات برحلة مدهشة تبدأ من لحظة ولادتها كأشبال بريئة وتنتهي بتحولها إلى ملوك الغابات.

تولد الأشبال في الشتاء وسط الثلوج، وتحظى برعاية أمهاتها في مغارات دافئة. تبدأ باستكشاف عالمها

ADVERTISEMENT
ADVERTISEMENT

تحت إشراف الأم التي تعلمها الصيد والحماية من المخاطر. باللعب والاستكشاف، تنمو قوة الأشبال تدريجياً، فتتطور مهاراتها وتتهيأ لمواجهة الحياة البرية.

مع خروجها من الأعشاش، تبدأ الدببة الشابة مغامرتها في العالم البري، حيث تواجه صعوبات عديدة كالجو القاسي والمفترسات وقلة الغذاء. يُظهر الأشبال شجاعة ملحوظة في تعرفهم على محيطهم واكتسابهم مهارات البقاء كالسباحة والتسلق والبحث عن الغذاء.

حين يبلغ الذكر، يبدأ صراع السيطرة. تدور معارك ضخمة بين الدببة للهيمنة على الأراضي والإناث، حيث تتداخل فيها القوة الجسدية والاستراتيجيات الذكية. الفائز يصبح القائد، يحظى بالمكانة والمصادر الأفضل لبقائه واستمراريته.

في موسم التزاوج، يستخدم الذكور أصواتًا ورائحة مميزة لجذب الإناث، وتحدث منافسات قوية بينهم. بعد نجاح الذكر في الفوز بشريكة، يتم بناء عش آمن، وتُكرّس الأم جهودها لرعاية الصغار، بينما يحمي الذكر العائلة ويوفر الغذاء.

تتميز الدببة البالغة بقدرتها على فرض سيطرتها وحماية أراضيها. تعيش في قمة السلسلة الغذائية وتعتمد على نظام غذائي متنوع. تلعب دوراً بيئياً حيوياً في الحفاظ على التوازن البيئي.

تمثل رحلة الدببة البنية قصة من التحول والنمو، تكشف فيها عن القوة، الذكاء، وجمال الحياة البرية. الكائنات ليست فقط مفترسات قوية، بل ملوك الغابة الحقيقيين الذين تستحق حياتهم البرية الحفاظ والتقدير.

تسنيم علياء

تسنيم علياء

·

13/10/2025

ADVERTISEMENT
دور الغرير الأوروبي في توازن النظام البيئي: بستاني الطبيعة
ADVERTISEMENT

محمية «بستاني الطبيعة» في قرية الغرير الأوروبي أثبتت جدواها في الحفاظ على التوازن البيئي وحماية الكائنات البرية. أنشئت سنة 1998، وأصبحت ملجأ آمناً لأنواع نادرة من الحيوانات والنباتات. يبرز الغرير الأوروبي (Meles meles) كرمز لهذه الجهود، إذ يساهم في دعم التنوع البيولوجي والاستدامة البيئية في المنطقة.

ظهر الغرير الأوروبي أولاً

ADVERTISEMENT
ADVERTISEMENT

في غابات آسيا في العصر البليوسيني، ثم انتقل إلى أوروبا. يبلغ طول جسمه نحو خمسين سنتيمتراً ويزن عشرة كيلوغرامات، وفراؤه رمادي مع خطوط بيضاء وسوداء، ويستطيع الحفر بفضل مخالبه القوية. يعيش في المراعي والغابات الكثيفة بالشجيرات، ويأكل ديدان الأرض والفواكه والمكسرات والقوارض والمفصليات.

رغم قيمته البيئية، يواجه الغرير تهديدات جسيمة: تضييق المساكن بسبب الامتداد العمراني وتغيير طرق الزراعة، إضافة إلى الصيد غير القانوني. انخفض عدده، وبات وجوده مهدداً، ما يستدعي تكثيف الجهود الدولية لحماية المواطن الطبيعي ومكافحة التجارة غير المشروعة.

لا يعيش الغرير حياة زوجية ثابتة، تلد الأنثى بين فبراير ومارس بعد حمل حقيقي يستمر سبعة أسابيع. يزداد عدوانة الذكور في موسم التزاوج، وتسود تراتبية اجتماعية يهيمن فيها الغرير الأكبر على الأصغر.

يخرج الغرير ليلاً وفي الشفق، يتواصل بهدير وطقطقة وصراخ. في الشتاء يسبّت في جحره، خصوصاً في المناطق الباردة كروسيا والدول الإسكندنافية، بينما يبقى نشيطاً جزئياً في أماكن معتدلة كجنوب القوقاز وإنجلترا.

قصة نجاح «بستاني الطبيعة» ودور الغرير في الحفاظ على التوازن البيئي تحفز المجتمعات المحلية والدولية للسعي نحو بيئة أكثر استدامة. تُعد المحمية وجهة بيئية وسياحية تدعو إلى حماية الطبيعة والحفاظ على التنوع الحيوي للأجيال القادمة.

حكيم مروى

حكيم مروى

·

13/10/2025

ADVERTISEMENT